حجم المواد الغذائيه المهدره سنويا

قياسي

 

BggDmOFIIAAoi1h

قدرت دراسة حديثة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) حجم المواد الغذائية المهدرة سنوياً بـ 1.3 مليار طن سنوياً، وهو ما أسمته “تبديداً شديداً للموارد

وتتقاسم الدول الصناعية والنامية كمية الطعام المهدر بالتساوي تقريباً. وبينما ترجع خسائر البلدان النامية إلى حد كبير إلى انتشار الآفات والأمراض وسوء التخزين والنقل غير المناسب للمنتجات الزراعية، يرجع الهدر في البلدان الغنية إلى رفض تجار التجزئة للمواد الغذائية الصالحة للأكل أو إلقائها مع النفايات المنزلية.

وقد نظرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في مسألة الهدر على كلا الجانبين واختارت لندن وناميبيا لتمثيلهما.

على بعد 20 كيلومتراً تقريباً من الحدود مع أنغولا، في شمال ناميبيا شبه القاحلة، تمكن باولوس أموتينيا، وهو مزارع خضروات صغير، من مضاعفة إنتاجه عن طريق الري بالتنقيط واستخدام تقنيات حفظ التربة على مدى السنوات الأربع الماضية. لكن الزراعة ليست سوى جزءاً من المعركة، فهناك أكوام من الجوز والبصل المتعفن ملقاة في فناء منزله.

اشترك أموتينيا في مشروع برنامج الأمم المتحدة الانمائي التجريبي الذي يهدف إلى مساعدة المجتمعات المحلية على التكيف مع تغير المناخ. وعلى الرغم من أنه أصبح أفضل حالاً من ذي قبل، إلا أنه خسر خضروات تساوي آلاف الدولارات سنوياً نظراً لعدم توفر مرافق التخزين البارد وافتقاره إلى سبل الوصول إلى الأسواق لبيع الفائض المتوفر لديه.

ومع بداية عام 2011، لم يبدُ الوضع مختلفاً، حيث قال: “حاولت حتى في السوبرماركت المحلي في أوتابي [أقرب بلدة، تبعد 45 كيلومتراً]، لكنهم يفضلون جلب الخضروات من الموردين المعتادين في جنوب إفريقيا”.

ولكن أموتينيا تواصل بعدها مع 49 من صغار المزارعين الذين استفادوا من مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واتفقوا على تجميع دخولهم بغرض بناء منشأة التخزين البارد وإقامة سوق لبيع الخضراوات. وقام المزارعون بجمع ما يقرب من 19,000 دولار، وساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأكثر من 200,000 دولار.

وأضاف قائلاً: “نأمل في فتح السوق الشهر المقبل [يونيو]”. كما يعتزم المزارعون أيضاً تزويد المجتمعات المجاورة عبر الحدود في أنغولا.

أسئلة حول التخزين

ويعتبر المزارعون البريطانيون توفير المبيدات والبذور المحسنة، التي لا يحلم بها نظراؤهم الناميبيون، أمراً مفروغاً منه. يملك المزارعون في بريطانيا مجففات لمنع تعفن الحبوب ومخازن غلال يمكن التحكم بدرجة حرارتها لأغراض التخزين. وبالإضافة إلى مرافق التخزين البارد، يملك المزارعون البريطانيون شاحنات مبردة لنقل الحليب والمنتجات الأخرى القابلة للتلف، وبالتالي فإن الخسائر على مستوى المزرعة منخفضة للغاية.

ويتم بيع أكثر من 75 بالمائة من المواد الغذائية البريطانية عن طريق أربع سلاسل سوبر ماركت كبيرة فقط يمكنها فرض الأسعار والمنتجات. ويحدث بعض الإهدار لأسباب تجميلية، حيث يتم التخلص من بعض ثمرات الفاكهة والخضروات لأنها ليست بالحجم المناسب، أو ملتوية جداً، أو مغطاة بالنتوءات، أو لونها غير مناسب.

في الوقت نفسه، يقول تقرير الفاو أن القضايا الأساسية، مثل عدم وجود مرافق تخزين وصعوبة الوصول إلى أي سوق تتسبب في جزء كبير من خسائر الأغذية في البلدان النامية.

وأفاد شيفاجي باندي، مدير قسم الإنتاج النباتي والحماية في منظمة الفاو، أن البلدان النامية تخسر نحو 630 مليون طن من المواد الغذائية سنوياً، 30 بالمائة منها على مستوى الحقل”.

وقال أندرياس شيمبولويني، مدير مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ناميبيا، أن الحد من هذه الخسائر “يجب دمجه في استراتيجيات الحكومات لأن صغار المزارعين لا يستطيعون القيام بذلك بأنفسهم”.

وتضطر بلدان نامية عديدة للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، مما يزيد من فرص تعرض المحاصيل للآفات والتلف. وقال باندي أن جميع البذور المتاحة للمزارعين تقريباً في البلدان المتقدمة مقاومة للأمراض وتقلبات درجات الحرارة، ولكن نادراً ما تتوفر هذه البذور في البلدان النامية.

منظمة “براكتيكل أكشن” هي واحدة من العديد من المنظمات غير الحكومية التي تبحث عن حلول للبلدان التي لا تكون فيها الكهرباء والثلاجات في متناول معظم الناس. وقال نيل نوبل المسؤول بخدمة المعلومات التقنية التابعة لها أن المنظمة طورت نوعين من أنظمة التبريد يجري اختبارهما في السودان ونيبال.

النظام الأول عبارة عن جرة فخارية تتكون من غرفتين إحداهما ممتلئة بالمياه من أجل الحفاظ على برودة المنتجات المخزنة في الغرفة الداخلية. وقد تم تقديم هذه الطريقة على مستوى الأسرة في السودان لمساعدة الأسر على تخزين الخضروات والفاكهة لفترات أطول.

أما نظام التبريد الآخر فيتم بناؤه على الأرض بالطوب الطيني باستخدام نفس المبدأ. وأفاد نوبل قائلاً: “يمكنك تخزين كميات أكبر في هذه الحاويات، بما في ذلك الحبوب الأساسية”.

مجال لاستيعاب العيوب

ولكن في بريطانيا، يستطيع المزارعون الهروب من طغيان محلات السوبرماركت، ففي سوق للمزارعين أقيم مؤخراً في شمال لندن، اشتمل كشك غاري كوكس على باقات من البصل الأخضر بأوراق ملتوية وبعض الجزر الأبيض غير المنتظم الشكل، ومع ذلك كان هناك أشخاص راغبون بالشراء.

ويرى تقرير الفاو أن هذه المبيعات المباشرة هي إحدى الطرق لإحراز تقدم، لأنه يقول أنه على الرغم من أن محلات السوبرماركت تبدو مقتنعة بأن الزبائن لن يشتروا الطعام ذا المظهر غير المناسب، إلا أن الدراسات تشير إلى أن الناس في الواقع أقل تدقيقاً من ذلك.

معرض صور من إنتاج إيرين: إطعام مدينة

شاهد معرض الصور
وقال كوكس لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) “نحن واعون جداً للهدر”. ويبيع كوكس بعض المنتجات مباشرة إلى المطاعم، ويتم تسليم البعض الآخر إلى المنازل. وتذهب أي كميات لا يتم بيعها في سوق الأحد إلى متجر التخفيضات حيث تباع بأسعار زهيدة. وأضاف قائلاً: “وما لا يتيسر بيعه… يتم تحويله إلى سماد ووضعه مرة أخرى في التربة، وبالتالي لا يُهدر”.

هناك دلائل على أن محلات السوبرماركت الكبيرة آخذة في التغير، إذ تملك إحدى سلاسل السوبرماركت، وتدعى “سينسبري”، الآن مجموعة من المنتجات “الأساسية” الأرخص سعراً، ويتم الإعلان بصراحة عن عيوبها. فهناك البطاطس المشوهة الشكل من الخارج (“ولكنها لذيذة عند الهرس”) والجزر غريب الشكل (“اللذيذ لدى تناوله للقرمشة”).

مع ذلك، ما زالت بعض المنتجات الجيدة تماماً تُقابل بالرفض. فعلى سبيل المثال، جلب الربيع الدافئ لأحد المزارعين بعض ثمار الخيار الرائعة للغاية. وانتهى المكان بهذا المحصول في “بيبلز سوبر ماركت” في بلومزبري، بوسط لندن. وقال توم سميث، المدير المناوب هناك أن الخيار الضخم يُباع بشكل جيد. “كما يوفر لنا المزارع ثمار الخيار الملتوية التي تحصل عليها في المحصول الثاني. لا تقترب محلات السوبرماركت الكبيرة مثلاً من هذا الخيار ولكننا نجد أنه يحظى بشعبية كبيرة”.

وأخبر باندي من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الخضروات والفواكه الغضة ذات نسبة السكر المرتفعة هي الأكثر عرضة للتعفن والتي تمثل أكثر الأطعمة التالفة في البلدان النامية.

وأشار سميث إلى أنه من حيث الحد من الهدر، كانت الانطلاقة الحقيقية هي قرار الشركة فتح مطبخ في المتجر لاستخدام المنتجات التي لا تُباع. ويعد قسم الأطعمة المطهية أحد أكثر الأقسام ربحية، وبذلك لا يتم التخلص سوى من حوالي 2 بالمائة من المنتجات الطازجة.

ويبيع سميث أيضاً المنتجات الطازجة غير المعبأة، بدلاً تعبئتها مسبقاً، وبالتالي يمكن للعملاء شراء ما يحتاجون إليه فقط، ولا يوجد تاريخ يتوجب البيع قبله، وبالتالي لا يتم التخلص من المواد الغذائية قبل الأوان.

وقد تناول تقرير الفاو كلتا النقطتين، وانتقد أيضاً محلات السوبرماركت لتقديمها عبوات أكبر حجماً، أو عروض “اشتري واحدة، واحصل على الثانية مجاناً”، التي تشجع الزبائن على شراء أكثر من حاجتهم، بدلاً من مجرد خفض الأسعار.

ويبدو أن المهدرين الحقيقيين للمواد الغذائية في المملكة المتحدة هم الزبائن، وليس أصحاب المتاجر، إذ تتخلص الأسر البريطانية من 8.3 مليون طن من الأغذية كل عام، مقابل 6.5 مليون طن تُفقد في سلسلة التوريد، وفقاً للأبحاث التي قامت بها خطة الحد من النفايات.

تقيم سيان في لندن ولديها ثلاثة أطفال تقل أعمارهم عن ست سنوات. وقالت عن محاولتها الحد من هدر الطعام: “إذا لم يأكل الأطفال ما يوضع أمامهم، أشرح لهم أن ما يقومون به هدر للطعام وأن هناك أناس في العالم ليس لديهم ما يكفي من الطعام. ولكن حتى أكبر أبنائي الذي يبلغ من العمر خمس سنوات يعتقد أن كل مكان في العالم يشبه هذا المكان. فهم لا يستطيعون تصور حالة عدم وجود ما يكفي من الطعام”.

لكن في نهاية المطاف، وكما جاء في تقرير منظمة الأغذية والزراعة، فإن “أهم سبب لإهدار الطعام على مستوى الاستهلاك في الدول الغنية هو أن الناس ببساطة يستطيعون تحمل نفقات إهدار الطعام

انقر هنا

أضف تعليق